عندما يعجز القانون عن حماية العاملات الحوامل
حمزة محمد الفيحان – العراق
لم تكن تتوقع العاملة سعاد عمران (29) عام،
بان حملها سيكون السبب في خسارة عملها ومصدر دخلها الوحيد، حصل ذلك بعد ان اتصل عليها
صاحب العمل ليخبرها بعدم الحاجة لخدماتها بسبب قرب موعد ولادتها، "كان الخبر بالنسبة
لي صادمة، فقد كنت ابذل جهودا متفانية في عملي الذي اعتاش منه واعتمد عليه في توفير
متطلبات الحياة اليومية" وبنبرة حزن تساءلت "كيف يمكنني تدبر الامور مع مولودي
الصغير؟".
تشاركها في المظلومية العاملة صابرين هاشم
(35) عام والتي اجبرها صاحب العمل على تقديم
استقالة اجبارية بعد ان اخذت اجازة وضع الحمل بالتزامن مع اقتراب موعد ولادة جنينها،
تقول" مهما اجتهدت العاملة الحامل في عملها وصبرت فإنها ستزاح من وظيفتها مهما
كان حجم العطاء كبيرا".
اما العاملة فاطمة جاسم (33) عام و هي المعيلة
الوحيدة لأسرتها، فقدت عملها ايضا بسبب اقتراب
موعد ولادة جنينها "رغم الحمل ووضعي الصحي القاهر، كنت ملتزمة بإداء عملي حسب
اوقات العمل الرسمية، وعندما اقترب موعد ولادتي طلبت من صاحب العمل اجازة لمدة شهرين،
لكنه رفض وبعد توسلات وطول انتظار وافق بشرط ان تكون الاجازة بلا راتب مع احتمالية
توظيف اخرى، لكنه لم يلتزم بكلامه فبعد يومين نكل وعده وعين موظفة بدلا عني، لقد ذلك
الموقف من اصعب اللحظات في حياتي".
ارتفاع مؤشر الانتهاكات
العديد النساء العاملات في القطاع الخاص يتعرضن لانتهاكات عديدة لعل الفصل التعسفي وفرض الشروط المجحفة او الحرمان من التمتع بالإجازات المشروعة, ابرز تلك الانتهاكات، وبحسب معنين في هذا المجال فقد ارتفاع مؤشر الانتهاكات ضد النساء العاملات في القطاع الخاص، لعل ابرز الاسباب تعود الى عدم تفعيل نصوص قانون وضعف الرقابة على تطبيقه اضافة الى هشاشة العامل الاقتصادي الذي يتيح استغلال العاملات من قبل بعض اصحاب العمل ويدفعهن الى تقديم الخدمات مقابل مبالغ زهيدة لا تتناسب مع جهودهن والسكوت على الانتهاكات التي يتعرضن لها خلال العمل..
حقوق قانونية
يكفل قانون العمل العراقي 37 لسنة 2015 الكثير من الحقوق لصالح المرأة العاملة، كما يؤكد المحامي حسين المستوفي: يحتوي قانون العمل على بنود مهمة لحماية المرأة الحامل والمرضعة ،واشار المستوفي الى اهم بندين في القانون العراقي يمكن اعتبارهما ضمانة لحقوق العاملات الحوامل والمرضعات منها المادة 87 الفقرة اولا التي تنص على استحقاق المرأة العاملة اجازة خاصة بالعمل والوضع باجر تام لمدة لاتقل عن 14 اسبوع في السنة, وكذلك المادة 91 الفقرة اولا، حيث سمح القانون للعاملة المرضع بفترتي ارضاع اثناء يوم العمل لا تزيد عن ساعة واحدة وتعد فترة الارضاع من وقت العمل، كما تتمتع المراة العاملة بهذه الحقوق شريطة ان تكون مسجلة في الضمان الاجتماعي".
ضعف الرقابة
يؤكد
المستوفي ان ضعف الجهات الرقابية ادى الى غياب الرقابة بالتالي عدم تفعيل الحقوق
القانونية للمرأة العاملة، كما ان استغلال بعض اصحاب العمل لظروف النساء المعيشية وجهلهن
بحقوقهن القانونية اثر بشكل كبير عدم حصولهن على تلك الحقوق.
تنصل اصحاب العمل
عضو اتحاد نقابات العمال حسين الكعبي يحمل اصحاب العمل مسؤولية الانتهاكات التي تتعرض لها
النساء في قطاع العمل بسبب عدم تنفيذ نصوص
القانون رغم ابلاغهم ومطالبتهم بوضع لوائح القانون الخاصة بحماية حقوق المرأة في لوحة
الاعلانات لتوعية النساء العاملات بحقوقهن وفق ما ورد في المادة 84 من قانون العمل
العراقي, كما ان اصحاب العمل يتنصلون من المسؤولية الاجتماعية والقانونية خصوصا في
ما يتعلق بالضمان الاجتماعي للعاملات كل ذلك اثر بشكل مباشر على حقوق المراة العاملة.
غياب الضمانات القانونية
لا توجد عقود عمل قانونية تضمن حقوق الكثير
من العاملات في القطاع الخاص مما يفاقم حجم الانتهاكات، يقول ابو علي صاحب محل لبيع
الملابس النسائية : "لا يمكننا تنظيم وتوقيع عقود عمل رسمية مع العاملات لان هذا الاجراء يرتب تبعات مالية وقانونية " وحول الامتناع عن تشغيل
الحوامل يشير ابو علي الى ان وضع السوق يحتم
ذلك فلا يمكن منح العاملة الحامل راتب واجازة في ذات الوقت كما ان العمل يتطلب منها جهدا قد لا يتوافق مع وضعها
الصحي خلال الحمل.
اضرار نفسية وجسدية
المختص في مجال الطب النفسي احمد القره غولي يؤكد ان الجانب النفسي مهم
جدا للمرأة الحامل خصوصا خلال فترة بداية الحمل وقبل الولادة، مشيرا الى انه استقبل في عيادته الخاصة حالات لنساء حوامل ظهرت عليهن
اعراض نفسية شديدة، و بعد جلسات استماع مطولة
تبين ان فقدان العمل بسبب الحمل كان من ابرز
اسباب معاناة تلك النساء.
وتعتقد الطبيبة النسائية رونق الخفاجي ان العديد من النساء الحوامل
فقدن اجنتهن بسبب الاجهاد خلال العمل
والبعض الاخر تعرضن الى مضاعفات اثناء عملية الولادة بسبب عدم حصول الام الحامل على
الراحة قبل الولادة.
اجراءات لابد منها
عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية
النائبة منال الموسوي تطالب الجهات التنفيذية بمراقبة قطاع العمل الخاص وتفعيل القانون
"على اتحاد نقابات العمال في العراق كونه الجهة المسؤولة والقريبة من شرائح العمال
ان يشخص المخالفات ويضع الحلول لها ويفعل فرض الغرامات للحد من ظاهرة الحرمان الاجباري
من العمل التي تتعرض اليه العشرات من النساء بسبب الحمل".
من جانبها دعت الناشطة في مجال المرأة اسراء
الاديب الى ضرورة اتخاذ عدة اجراءات لمناصرة النساء العاملات في القطاع الخاص للمطالبة بحقوقهن المشروعة وفق ما وضعه المشرع العراقي
في قانون العمل، وكذلك عمل ندوات للنساء العاملات لرفع مستوى وعيهن القانوني، كما طالبت
الاديب بضرورة تفعيل نصوص قانون العمل العراقي لضمان توفير العيش الكريم للعاملات وبيئة
عمل امنه مستقرة، اضافة الى تفعيل اجراءات الرقابة على اصحاب العمل ومعاقبة المخالفين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق