الأربعاء، 19 أكتوبر 2022

الرئيسية آثار التضخم على مستوى معيشة المواطنين

آثار التضخم على مستوى معيشة المواطنين

آثار التضخم على مستوى معيشة المواطنين

 


إبراهيم المشهداني

يعاني الاقتصاد العراقي في المرحلة الراهنة أزمة مركبة متعددة الأبعاد، فبالإضافة إلى الاختلال في بنيته وغياب التوازن بين قطاعاته وارتفاع معدلات البطالة وتدهور قطاع الإنتاج الحقيقي، فانه يعاني أيضا من أزمة التضخم ذي المعدلات المتفجرة في معظم قطاعاته والذي يتوزع على مجالات عدة أخرى تتمثل في مستوى الأسعار العام وهيكلها وأثرها على مستويات الدخل الحقيقي وانخفاض المستوى المعيشي للمواطنين وخاصة في مستوى الاستهلاك بالمعنى الفردي والمجتمعي.

والمتعمق في بحث دواعي التضخم في الاقتصاد العراقي يلاحظ بدون عناء ان هناك أسبابا تقف وراء معدلات التضخم التي تنشرها وزارة التخطيط سنويا تتمثل في السياسة المالية المتخبطة، وأوضح تجلياتها فوضى الانفاق الحكومي عبر الحجم الهائل في كلف الرواتب يقابلها انخفاض الإنتاجية والهدر في المال العام نتيجة لتسلط منظومات الفساد بما تمتلكه من نفوذ سلطوي وميليشيات مسلحة وضعف الرقابة على مجالات الانفاق بدلالة غياب الحسابات الختامية في الموازنات السنوية مع ما تدل على انتهاك فض للدستور العراقي أيا كانت الذرائع والحجج الباهتة،  وعلى سبيل المثال فإن الحسابات الختامية لعام 2007 تمت مناقشتها في البرلمان في عام 2013. ومن الأسباب الأخرى السياسة الاستيرادية التي لا تختلف عن سابقتها من حيث الفوضى في كل بضاعة ومن اية دولة وعلى حساب المنتج المحلي مما  تصبح ناقلا جيدا  لظواهر تضخمية ترجع إلى  عوامل وازمات دولية  ذات طبيعة جيوسياسية،  والسبب الثالث يتمثل في ضعف دور البنك المركزي وهو المسؤول عن تخفيض التضخم ورفع القيمة الشرائية للدينار العراقي والعمل على تحقيق  الاستقرار في أسعار الصرف عن طريق التحكم بكمية النقد المتداول من خلال سعر الفائدة بهدف امتصاص الكتلة النقدية المكتنزة والتي تقدر ب 70 في المائة من عموم الكتلة النقدية التي يصدرها البنك المركزي عبر تنشيط السياسة الادخارية  وبالوسائل السعرية عبر  رفع قيمة الدينار إزاء أسعار العملات الأجنبية،  وعلى العكس من ذلك فقد لجأ البنك إلى تخفيض قيمة الدينار بضغط من وزارة المالية بنسبة 23 في المائة بحجة توفير الرواتب  مما أدى إلى زيادة الكتلة النقدية في السوق وما تبعها من ارتفاع الأسعار بنفس النسبة ومن ثم  رفع معدلات التضخم  في اقتصاد ركودي، فأين الرفاهية التي ينشدها البنك المركزي في مثل هذه السياسة ؟ والسبب الرابع بتجلى في الاقتصاد الموازي او ما تعارف عليه بالسوق السوداء وهي مجمل العمليات الاقتصادية التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وأجهزتها الرقابية وخاصة الأمنية كعمليات تهريب العملة والآثار والمخدرات والأسلحة وإدخال بضائع فاقدة لعناصر الصلاح والجودة.

وحسب تصريحات وزارة التخطيط فان نسبة التضخم أقل من 7 في المائة للفترة من آب 2021 لغاية آب 2022 وهو رقم يقل عن تصريح سابق يشير إلى نسبة 8 في المائة، أما معدلات التضخم القطاعية فهي تشكل 11 في المائة في المواد الغذائية ومعدلاته في أسعار السكن والماء والكهرباء 10 في المائة وفي مستوى النقل 17 في المائة أما في الخدمات الطبية والصحية فتبلغ 28 في المائة بالمقارنة مع تموز في عام 2019.

إن الحكومة تتحمل المسئولية الأولى في ارتفاع معدلات التضخم وتداعياتها الاجتماعية لعدم قيامها بإجراءات فعلية تقلل من معدلات التضخم المتهيئة للارتفاع نتيجة لعدم إقرار الموازنة وعدم وجود برامج تحد من تأثير مستوى التضخم في انخفاض مستويات المعيشة وارتفاع معدلات البطالة والفقر تحت خط الفقر. لهذه الأسباب ومحصلاتها فان واجب الدولة بكافة مؤسساتها مطالبة نقديا بإعادة سعر الصرف إلى سابق عهده وإعادة قيمة الدينار إلى ما كان عليه لإنعاش الدخل الحقيقي للمواطن العراقي وأعاد النظر بالسياسة الاستيرادية عبر مراجعة نافذة البنك المركزي وبيع الدولار وفقا لحاجة السوق الحقيقية وتنشيط دور الأجهزة الرقابية في محاربة كافة مظاهر السوق الموازي والتشدد في الإجراءات العقابية ومعالجة الخروقات في تصميم الموازنات السنوية المشروطة بتوفير الحسابات الختامية.

جميع ما ينشر في هذه المدونة للكاتب والصحافي نوري حمدان وهي متاح لجميع المؤسسات الاعلامية في استخدام. يتم التشغيل بواسطة Blogger.