لا وطن موحد من دون وحدة اقتصاده



لا وطن موحد من دون وحدة اقتصاده

ماجد زيدان

بين مدة واخرى تعلن الجهات المسؤولة في السلطات الاتحادية عن فتح الطرق لنقل منتجات اقليم كوردستان الى بقية مناطق البلاد وبالعكس من باقي المحافظات اليه، هذه الظاهرة تتكرر وسط دهشة واستغراب العراقيين من مختلف القوميات وفي مختلف المدن..

الواقع ان هذا الاجراء يعكس واقع التجزئة القسرية للعراق على خلاف الادعاء بوحدته الوطنية وكونه بلدا واحدا بموجب دستوره وواقعه وتصريحات مسؤوليه، فحرية انتقال البضائع والسلع المنتجة فيه توضح مدى وحدته وعمق الروابط بين مدنه وسكانها وضرورة أن تكون بعيدة عن الانتفاع والتميز والضغط والابتزاز..

ان هذه الاعلانات المتكررة بالمنع والسماح وتعطيل حركة الأسواق تذكرنا بالقرون الغابرة من زمن الإقطاع، إذ كانت لكل مدينة وبلدة قوانينها وحدودها ومؤسساتها المنفصلة عن جوارها، حيث تفتقد البلدان الى الوحدة السياسية وأساسها الوحدة الاقتصادية، والذي حطم هذا الواقع المتخلف والمعيق للتطور على مختلف الصعد عندما سادت التشكيلة الرأسمالية وولى عهد تجاوزه الزمن ولا مكان له في هذا العصر والطموح لبناء بلد موحد قوي متين بدون سوق واحدة تنمي روح التآخي وأواصر ووشائج الأخوة بين أبنائه.

من الملموس ان اقليم كوردستان يحقق نجاحات على صعيد القطاع الزراعي ويشار إليها بالبنان وليس نحن من نقول ذلك، وانما منتجاته التي غزت أسواق دول الجوار والخليج وغيرها والاقبال المشجع عليها، يعني الأسواق الخارجية مفتوحة امامها فيما السوق العراقية تغلق وتفتح بقرارات ادارية بيروقراطية تخالف المنطق والعقل واليات السوق والمصالح الوطنية العليا.

ان وفرة الانتاج وتوفر المواد الاساسية وضرورة حرية حركتها في كل انحاء العراق يسهم في تحسين الإنتاج وزيادته ونمو الاقتصاد العراقي، في الإقليم والعراق، على حد سواء ويزيد من الترابط ويعمق من الوحدة الوطنية المبنية على المصالح الواحدة أي السوق الوطنية الموحدة الخالية من العوائق.

ان وفرة الإنتاج في أي بقعة من البلاد ضرورة لتنميتها وتعزز من اهمية القطاعات الاقتصادية المختلفة وتخلق فرصا لأبناء البلد وتغني عن الاستيراد، وذلك من خلال تسهيل حركة المنتجات في كلا الاتجاهين، فعلى سبيل المثال الإقليم ينتج الفواكه والعسل والاسمنت وغيرها ويصدر بعض الكميات منها الى دول الخليج واوروبا ولديه فائض منها، وبالمقابل في الوسط والجنوب تنتج الأسمدة والطماطة ومواد أخرى، لماذا يضيق على حركة انتقال البضائع ونلجأ الى اغراق السوق بذات المنتجات من خلال استيرادها وتلحق ضررا بالمنتج العراقي، والأمر من ذلك العراق يستورد ذات المنتجات من البلدان الاجنبية ويترك المنتجات المحلية تتلف في المزارع. إن البلاد بحاجة الى قرارات تحرم إعاقة او منع حركة البضائع بين مدن البلاد ووضع كل من يمارسها تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة الشديدة.

جميع ما ينشر في هذه المدونة للكاتب والصحافي نوري حمدان وهي متاح لجميع المؤسسات الاعلامية في استخدام. يتم التشغيل بواسطة Blogger.