دجلة الخير – بغداد –
وكالات
تقرير عدوية الهلالي
منذ تأسيس دولة العراق
الحديث عام 1921، ومع كل تغيير في نظام الحكم، كان النشيد الوطني العراقي بدوره يخضع
للتغيير، ومع تعاقب الانظمة المختلفة تعاقب على العراق خمسة اناشيد وطنية في فترة
أقل من قرن واحد.. فمن السلام الملكي الذي لحنه الضابط الانكليزي الميجر جي آر موري
والذي كان لحنا بهيئة مارش عسكري ثم السلام الجمهوري في عهد عبد الكريم قاسم والذي
لحنه الموسيقي العراقي الراحل لويس زنبقة بشكل مارش المسير وكان بلا كلمات أيضا، تم
اعتماد نشيد (والله زمان ياسلاحي) بعدالانقلاب على عبد الكريم قاسم وصعود حزب البعث، وهو من كلمات صلاح جاهين والحان كمال الطويل وغناء ام كلثوم على الرغم من انه كان
نفس النشيد الوطني لجمهورية مصر العربية.
اما بعد وصول صدام حسين
الى سدة الحكم فقد تم استخدام نشيد وطني جديد من أشعار الراحل شفيق الكمالي بعنوان
(ارض الفراتين) ولحنه الموسيقار اللبناني وليد غلمية، ثم انتهى عهد صدام حسين فدعت
الحاجة الى تغيير النشيد الوطني ليتم اختيار انشودة (موطني) كنشيد وطني لجمهورية
العراق وهو من تأليف الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان والحان محمد فليفل.
في عام 2012، قرر مجلس
النواب العراقي اعتماد قصيدة (سلام على هضبات العراق) للشاعر محمد مهدي الجواهري
كنشيد وطني لجمهورية العراق ولكن لم يعلن عن اتخاذه نشيدا جديدا حتى هذه اللحظة، في
الوقت الذي اقترح فيه رئيس كتلة الاصلاح والاعمار صباح الساعدي والقيادية في تحالف
(سائرون) انعام الخزاعي قانونا للنشيد الوطني الجديد بموافقة 70 نائبا من مختلف الكتل
السياسية وتم تقديم المقترح الى رئيس مجلس النواب والذي ينص على تحويل قصيدة الشاعر
اسعد الغريري (سلام عليك) التي لحنها وغناها كاظم الساهر الى نشيد وطني جديد للبلاد، واحال رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي اقتراح القانون الى لجنتي القانون والثقافة
للمضي في اجراءات اعتماده.. امام تأييد هذا المقترح من جهات ورفضه من جهات أخرى.. هل
سيتم اعتماد انشودة الساهر كنشيد وطني ام ترجح الكفة لصالح قصيدة الجواهري؟!
يؤكد عضو اللجنة القانونية
في مجلس النواب العراقي محمد الغزي ان المقترح الجديد للنشيد الوطني هو مطلب جماهيري
على اعتبار ان النشيد يمثل هوية البلد مايدعو الى تغييره ليلامس واقع العراق الجديد
مشيرا الى اجراء تعديلات على القصيدة لضمان التنوع المكوناتي ثم ستباشر اللجنة القانونية
استكمال الصياغات القانونية للمقترح لغرض التصويت عليه.
ويؤيد الفنان والناشط المدني
سنان العزاوي هذا المقترح مع تاكيده على موافقة كاظم الساهر على طلب زعيم التيار الصدري
مقتدى الصدر بأن تصبح اغنية (سلام عليك) نشيدا وطنيا للعراق بشرط أن يجري تصوير الاغنية
في حال زيارته للعراق على ان يعاد توزيعها على ايقاع الاوركسترا وان يكون الكورال مع
الساهر من طلبة المدارس العراقية.
من جهته، يعترض الشاعر
وعضو اتحاد اداباء وكتاب العراق عمر السراي على اختيار انشودة الساهر كنشيد وطني مؤكدا
على اصدار الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق بيانا بشان ترشيح مجموعة من النواب
لها لأن الاتحاد سبق وان رشح قصيدة الجواهري قبل سنوات ورحبت اللجنة الثقافية في مجلس
النواب بترشيحه آنذاك على اعتبار ان الجواهري هو شاعر العرب وهو اسم قدير له تاريخه
المجيد وله مواقف وطنية وقد افتتح مؤتمر المعارضة العراقية ضد صدام عام 1991 دعما لانتفاضة
آذار وكان قد تم حذف قصائده من المناهج الدراسية منذ الثمانينات ولم يدفن في العراق
لدى رحيله عام 1997.. واوضح السراي ان ترشيح اغنية الساهر يعتبر تعديا واضحا على الادب
العراقي وتاريخ الموسيقى أيضا لأن كلماتها بسيطة ولاتليق بقامة الادب لاعراقي الذي
انجب المتنبي والجواهري والسياب وغيرهم كما ان لحنها مقتبس من تشيد الجمهورية الاولى
للموسيقار لويس زنبقة، ولأن النشيد الوطني محاط بهالة من القدسية فيجب الايتم ترشيح
قصيدة سبق لشاعرها وان مجد النظام الكتاتوري كي تصبح نشيدا وطنيا للعراق الجديد.
ويرى الاعلامي المتحدث
باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي ان النشيد الوطني لاي دولة لايقل اهمية عن
علمها فهو يغنى مع رفع العلم فيرتفع منسوب الشعور بالولاء للوطن الى اعلى درجاته لذا
تحرص البلدان على اختيار كلمات النشيد بأن تكون نابعة من الواقع وترمز الى تاريخ البلد
وبيئته.. ويستغرب الهندواي من بقاء العراق من دون نشيد وطني طيلة تسعة عشر عاما، فهل
عجزنا عن الحصول على نص عبر سبعة الاف سنة من الحضارة المتميزة لنتخذه نشيدا وطنيا
بدلا من نشيد (موطني) التي تمثل النشيد الوطني الفلسطيني، مؤكدا على ان قصيدة الشاعر
الغريري التي غناها كاظم الساهر تصلح لأن تكون نصا للنشيد الوطني لأن كلمات النشيد
يجب ان تكون من السهل الممتنع وتحظى بتفاعل الشعب العراقي، وان اعترض البعض عليها
فلابأس من اختيار العديد من النصوص الشعرية لشعراء كبار مثل الجواهري لأن قضية النشيد
الوطني لبلد مثل العراق تعد قضية مصيرية ويتوجب على وزارة الثقافة ومجلس النواب أن
يأخذاها على محمل الجد ليتم اقرار مشروعها.
في الوقت الذي يقترح فيه
الشاعر والاعلامي الدكتور حسين القاصد احالة الأمرالى مسابقة يتم من خلالها اختيار
النص الفائز نصا ولحنا كي لانتراشق بالاذواق على حساب رمزية العراق وارثه الحضاري والفكري
والثقافي، ذلك ان النشيد الوطني لأي بلد له رمزية عالية فهو رسالة قصيرة ومكثفة شارحة
لقيمة البلد ولابد ان تميز كلماتها كل مايميز البلد عن سواه، مؤكدا على ان النشيد
الوطني يعد رمزا لوحدة البلاد، وعليه ان يحملها معنى وفحوى وغاية ورسالة فهو يعزف
في المناسبات الرسمية وفي المدارس والجامعات ويعزف في المناسبات الرياضية لأنه يمثل
هوية البلدان المتبارية.
لذا يجب الا يكون رمزا للفرقة والتناحر فيما لو خضع لتأييد
البعض ورفض البعض الآخر أو أن يفرض من الأعلى بل يجب أن يحال الى اهل الاختصاص ويتم
ترشيح النشيد على الا يكون مغنى سابقا ولاكته الالسن واريقت قيمته المعنوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق