(حركات مدنية "ثرية".. تشتري
الناشطين المستقلين بالدولار)
د. جاسم
الحلفي/ سياسي وناشط مدني
نشر موقع (هف بوست) تقريرا خطرا تحت عنوان
(حركات مدنية "ثرية".. تشتري الناشطين المستقلين بالدولار)، حمل اتهامات
خطرة لأطراف قوى التغيير، تزامن مع الحملات التي تشن هذه الأيام، ومع اقتراب موعد الانتخابات
على هذه القوى وغيرها من قوى الرفض والممانعة؛ إذ أشار التقرير الى ان هناك معطيات
تؤكد وجود (أجندة سرية تقودها أحزاب وشخصيات سياسية تمتلك أموالا طائلة، اخترقت التجمعات
والكيانات المدنية الناشئة، وسخرتها للعمل معها سواء بصورة علنية، وسرية في اغلب الأحيان).
يضع هذا التقرير أطرافا من قوى التغيير
في موقع الاتهام. واليقين أن السلوك العملي هو الكفيل بالرد بشكل واضح وجريء، غير قابل
للتأويل. ونرى ان النزاهة هي القيمة العليا التي يفترض ان تقترن بسلوك القوى الناشئة
في صراعها مع طغمة الفساد، وان تكون الشفافية والعلانية ضمن القيم التي تميزها عن سلوكيات
وممارسات طغمة الحكم وقواها المتنفذة، وإلا لم يبق معنى لشعار مكافحة الفساد اذا كانت
هناك اطراف في المعارضة تحوم حولها شبهات.
كما يشير التقرير الى ان (تنسيقيات قوى
التغيير ما زالت رهن إشارة مسؤول حكومي كبير سابق، تتنافس مع القوى الأخرى المنافسة
على كسب الناشطين المستقلين عبر الاغراء). قطعا، ان هذه الفقرة من التقرير لا تقل خطورة
عن تهمة التمويل المشبوه؛ اذ يعني ذلك ان هذه القوى هي فواعل الثورة المضادة التي فككت
ثورة تشرين السلمية. وهذا قطعا اتهام اخر خطر لا بدّ من ان قوى التغيير قادرة على الرد
عليه بكل وضوح وشفافية.
نظافة اليد هي العنوان الأساس المفترض ان
يكون سمة شرف ونزاهة تقترن بالقوى المناهضة لطغمة الفساد. كما يتطلب من القوى المعارضة
وبناها التنظيمية ـ سيما الأحزاب الشبابية الناشئة، التي تطرح نفسها بديلا عن الأحزاب
المتنفذة التي يتحكم بها شخص واحد ـ أن تتبنى الديمقراطية في أُطرها الداخلية، وأن
توفر أوسع مشاركة لأعضائها في صنع القرار، وأن تكون واضحة بشأن مصادر تمويلها بشفافية
تامة. وفق هذا السلوك والمواقف العملية تُعطي قوى التغيير القول الفصل عن كل ما قيل
ويقال عنها، الجواب المقترن بالمصداقية لتبديد ما جاء في التقرير (بتبديل اسلوبها القائم
على كسب الشباب بالمال، بدلا من جذبهم عبر الإدارة المشتركة والقيادة الجماعية والمشاركة
في القرار).
وفي هذا الشأن، يمكن الإسراع في عقد مؤتمرات
واجتماعات عامة شفافة تعلن فيها مصادر التمويل، وتؤكد استقلاليتها من تهمة الانقياد
من قبل (مسؤول حكومي سابق رفيع المستوى)، كما جاء في التقرير الواضح المرامي والمقاصد.
ان نقد الظواهر السلبية في الأحزاب المعارضة
هو واجب لا مناص منه، ليس ليؤكد مصداقيتنا، حينما انتقدنا أحزاب السلطة طوال السنوات
المنصرمة، بل ان البديل الذي نتطلع اليه يتوجب أن يكون: ديمقراطيا حقيقيا في بنيته
الداخلية وسلوكه وعلاقاته، نزيها وشفافا، لا يرهن مصيره بيد أي متنفذ مهما كان موقعه،
وليس عنوانا جديدا للكسب غير المشروع، مناهضا جريئا للولاءات الخارجية المذلة، التي
كانت احد فواعل احتجاج الشباب وانتفاضتهم الباسلة، النزاهة وعدم تبرير أي تمويل غير
مشرف مهما كان مصدره، مال مسروق نهبه متنفذ، او خارجي من أي سفارة كانت، نظافة اليد،
إمكانية هائلة وامتياز مشرف فقدته طغمة الحكم واحزابها، حيث تلاحق متنفذيها برمتهم
تهمُ الفساد. فمن غير المقبول إطلاقا ان يتلطخ نصاع بياض القوى البديلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق