ماجد زيدان - صحافي وكاتب
تخطت الوفورات المالية من تصدير النفط العجز في الموازنة للعام الماضي وزادت
الاحتياطي النقدي العراقي الى مستويات جيدة.. ولكن هذه الإيرادات تضيف تحديا آخر على
الاقتصاد الوطني وهو كيفية إنفاقها وفي أي الاتجاهات؟
والاهم تكمن في المفارقة أن المواطن لم يلمس من هذه الزيادة الكبيرة وغير المسبوقة
تحسنا في مستوى معيشته وتخفيفا من عمق معاناته وتردي الأحوال الاقتصادية لفئات واسعة
وانحدارها الى الفقر المدقع واتساع نطاق البطالة
وارتفاع مستوى التضخم الذي انعكس سلبا على أسعار السلع المختلفة، وخصوصا التي تستهلكها
الفئات المعوزة وتشعر بسياط لهيبها.
ومن هنا تكرر طبقات وفئات اجتماعية واسعة السؤال الصارخ والحارق أين تذهب الوفورات
المالية النفطية، ولماذا لا نلاحظها في حركة
الأسواق وتنشيط المشاريع المنتجة والمدرة للدخل وتأهيل الصناعة الوطنية وتحسين الخدمات
ودعم القطاع الزراعي وتأمين الغذاء بأسعار تتلائم مع مداخيل ابناء شعبنا وما الى من
متعلقات بتلبية المتطلبات الاساسية للحياة ولا نقول رفاهيتها التي أصبحت ضربا من الخيال.
الحكومة بلسان مستشارها الاقتصادي مظهر صالح تقول انه يتم توجيه الفائض عن ما
ورد في قانون الأمن الغذائي وتوظيفه في موازنات السنوات التالية من خلال (صندوق سيادي)
كما نصت على ذلك أحكام قانون الإدارة المالية، ولكن الناس لا يثقون تماما بذلك لتجارب
مع حكومات ما بعد عام 2003 واستفحال الفساد وانتشاره، حتى إنهم قلقون على الأموال الواردة
في قانون الأمن الغائي الطارئ، لاسيما في ظل الاضطراب السياسي وفقدان السيطرة على البلاد.
حتى ان المستشار الاقتصادي تستشف من كلامه بانه يخشى على هذه الاموال لعدم توفر التكييف
القانوني لأوضاع السنة المالية الحالية لكون الوفورات المالية التي تذهب إلى حساب الصندوق
السيادي تشترط بموجب قانون الإدارة المالية الاتحادية النافذ توافر قانون للموازنة
العامة السنوية وهو لغاية الان لم يتم تقديمه للتشريع، ويوجد إشكال دستوري يعيق ذلك.
وعلى الأرجح لن تكون هناك موازنة هذا العام.
ويشير خبراء اقتصاديون إن الأولوية ستذهب نحو تمويل المشروعات الاستثمارية التي
تسهم في تنمية الدخل الوطني والازدهار الاقتصادي لبلادنا وايضا يبرز قانون الإدارة
المالية الاتحادية النافذ الذي تم تعديله عام 2020 في الاستفادة منه، حيث سمح للمحافظات
التي لم تستفد من حصتها من التخصيص للمشاريع الاستثمارية أن تحتفظ بتلك التخصيصات في
السنة التالية في حساب أمانات لتتولى استئناف الصرف على المشاريع الاستثمارية المقرة،
ذلك في السنة اللاحقة من دون توقف حتى في حال تأخر إقرار الموازنة، ولكن يدخل هذا في
مسارب الروتين والبيروقراطية والطرق الملتوية.
إن ما يشغل الأذهان هو تهيئة مستلزمات الرقابة على هذه المبالغ الهائلة في ظل
تعطل مجلس النواب عمليا عن اداء احد اركان عمله الاساسية المتمثلة بالرقابة منذ تسعة
اشهر وهذا ما يتيح لبعض ضعاف النفوس من ارتكاب
جرائم هدر المال العام والفساد…
إن الوسيلة المثلى مثلما أسلفنا في تفعيل صندوق الأجيال واستكمال المشاريع المتوقفة
بسبب من عدم وجود تخصيصات مالية والنافذة المهمة الأخرى هي تسديد الديون وإيفائها لمستحقيها وتوفير فوائدها إلى جانب التوظيف في أكثر من مشروع مهم يطور البنية التحتية
للبلاد.. باختصار تمس الحاجة لوضع الأولويات التي تطور وتنشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق