الخميس، 3 يونيو 2021

الرئيسية ظاهرة العنف الجنسي ضد الاطفال.. من الرادع ومن المسؤول؟

ظاهرة العنف الجنسي ضد الاطفال.. من الرادع ومن المسؤول؟

دجلة الخير- تقرير: نور علي نعمة

يعد العنف الجنسي ضد الاطفال من الظواهر الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع باجمعه، وتضر ضررا بالغا ليس لانه من الجرائم الخطرة فقط، بل لانه مفسدة اخلاقية ودينية وظاهرة شاذة في المجتمع العراقي.

حيث تعرض أكثر من 2114 طفلا في العراق إلى انتهاكات جسيمة، منها القتل والتشويه والاعتداء الجنسي، وقد تكون الأعداد الحقيقية أكبر بكثير، خاصة وأن ظروفا مثل الوفاة أو الوصمة الاجتماعية قد تعيق الإبلاغ عن الانتهاكات.

اسباب انتشار هذه الظاهرة

ان أسباب انتشار ظاهرة الاعتداء الجنسي هي تكرار هذه الجرائم ضد الأطفال يعتبر نتيجة طبيعية لانتشار المخدرات والأمراض النفسية، وغياب الرقابة على الإنترنت، وعدم وجود رقابة مجتمعية على الأفراد.

فيما يرى القاضي حسين عبدالله، ان "ضعف وهشاشة القانون العراقي هما السببان الأساسيان وراء تمادي المجرمين وضعفاء النفوس في الاعتداء الجنسي على الأطفال"، موضحا انه "يجب تسيير دوريات تجوب الشوارع وترهب من يحاول ارتكاب هكذا جرائم ويجب على الحكومة تحديث القوانين الرادعة بحقهم".

واشار الى "الدور المهم للعشائر العراقية، التي لا نراها إلا في حوادث الثائر والمعارك العشائرية، فهي اول من يجب أن يحمي الطفل، ولكن للاسف المجرم لا يجد الردع من قبل عشيرته، فيتمادى في غيه وهكذا تسلك العشيرة سلوكا سلبيا"، معتقدا انه  "لو كان هناك اتفاق عشائري على طرد كل فرد يعتدي على الأطفال، أو كل من ينتهج نهجا اجراميا تجاههم، فسيفقد المجرم عندها غطاء الحماية العشائري، لانه كما هو معروف حاليا اغلب مناطق العراق الوسطى والجنوبية يسري فيها العرف العشائري وليس القانوني".

نظرة القانون العراقي لهذه الظاهرة!

تكثر الاتهامات الموجهة للمشرعين العراقيين بعدم سن العقوبات الرادعة للمعتدين والمتحرشين، حيث ان القوانين السائدة حاليا في البلاد، هي: "يجب أن نفرق بين جريمتي الاغتصاب والتحرش في القانون العراقي، فلكل منهما عقوبته الخاصة. الاغتصاب هو مواقعة، دون الرضا، ودون الرغبة من الطرف الآخر، أي بشكل إجباري وتحت ضغط وإكراه شديَين أما التحرش الجنسي فهو فعل، يريد به الجاني الحصول على منفعة جنسية دون موافقة الطرف الآخر، سواء بالكلمات أو بالملامسة أو بالإشارة، وسواء كان الفعل علانية أو سرا".

كما ان المادة (393) من قانون العقوبات العراقي، رقم (111) لسنة 1969، حددت عقوبات منها المشددة لجريمة الاغتصاب، فنصت على أنه "يعاقب بالحبس المؤبد أو المؤقت، كل من واقع أنثى بغير رضاها، أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها"، علما أن القانون اعتبر العقوبة ظرفا مشددا، في الحالات التي نصت عليها الفقرة (2) من المادة (393) من قانون العقوبات. أما جريمة التحرش فـ "يعاقب فاعلها بالسجن لمدة عام واحد، أو غرامة مالية، أنيط للقضاء مهمة تحديدها، بحسب ما يقدره في كل قضية على حدة"، علما أنه لا يمكن الافراج عن المتحرش أو اخراجه بكفالة مالية، الا بعد عرضه، وأوراقه التحقيقية على القاضي المختص لاصدار الحكم القضائي بحقه".

وعبرت مفوضية حقوق الانسان في العراق عن قلقها لتزايد العنف الجنسي ضد الأطفال العراقيين، وتحديدا في السنوات الاخيرة، وتطالب المؤسسات الحكومية بتحمل مسؤوليتها لمواجهة الانتهاكات الوحشية والاجرامية والحد من الظواهر الاجرامية ومحاسبة الفاعل.

فيما ذكرت الناشطة الاجتماعية سكينة حيدر، ان "تلك الجرائم تتسبب بأمراض نفسية شديدة، يصعب على الضحايا التخلص منها لسنوات طوال، كما يمكن أن يتحولوا الى شخصيات عدائية لاحقا"، مطالبة وسائل الاعلام بـ "تسليط الضوء دائما على ظواهر الاعتداء الجنسي، لدفع السلطات التشريعية والتنفيذية للتوصل الى حل سريع والوقوف على دوافعها وأسبابها، وتفعيل الدورات لتوعية الأسرة والطفل وتثقيفهم".

كما اعتبرت "النظام الأسري والتعليمي والاستقرار الاجتماعي، عنصران اساسيان في تأمين الحماية للطفل، ويجب ان تكون سلامة الأطفال وأمنهم في مقدمة الأجندة الوطنية لضمان مستقبل أكثر ايجابية، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي".

نموذج من هذه الانتهاكات

طفلة مشردة تبلغ من العمر 3 سنوات، تعرضت للاعتداء الجنسي بطريقة وحشية من قبل شخصين، حيث قاما باستدراج الطفلة إلى المشتل وخداعها بفرصة عمل، من ثم حاولا اغتصابها وبعد ان قاومتهما قاموا بطعنها عدة مرات واغتصابها لتفارق الحياة و تدفن في احدى زوايا منطقة الاعظمية في بغداد، وبرر المجرمان فعلتهما بانهما كانا تحت تأثير الكحول. فيما  تعرضت طفلة يتيمة للاعتداء الجنسي، في منطقة ابو غريب غربي بغداد، ولم يكتف المعتدون بفعلتهم، بل قاموا بتصوير العملية لمساومة وابتزاز والدها بنشر الفيديو.

ماهي طرق حماية الاطفال من العنف الجنسي؟

ان هذه الحوادث التي وقعت مؤخرا وأثارت كثيرا من الاستياء الشعبي، دفعت وزير العمل والشؤون الاجتماعية  عادل الركابي، ورئيس هيئة رعاية الطفولة الى اصدار بيان رسمي، طالب فيه البرلمان العراقي بـ"الاسراع بتشريع قانون العنف الأسري وكذلك قانون حقوق الطفل، لوضع حدا لانتشار ظاهرة الاعتداء الجنسي"، داعيا منظمات المجتمع المدني المعنية بحماية حقوق الطفل، لـ"دراسة أسباب تعاظم وانتشار هذه الظاهرة ووضع الحلول والمعالجات لتأمين البيئة القانونية والاجتماعية المناسبة لحماية حقوق الطفل في البلاد"، كما حمل مجلس القضاء الأعلى "مسؤولية سن العقوبات بحق منتهكي حقوق الطفولة".

كما لا ننسى دور الاسرة في حماية اطفالها من التعرض للعنف والايذاء الجسدي والنفسي من خلال رعايتهم وتعليمهم كيفية وقاية انفسهم من العنف بشتى انواعه.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

جميع ما ينشر في هذه المدونة للكاتب والصحافي نوري حمدان وهي متاح لجميع المؤسسات الاعلامية في استخدام. يتم التشغيل بواسطة Blogger.