ما زال ملف قتل المتظاهرين ساخنا، لاسيما بعد كشف
لجنة تقصي الحقائق عن استدعاء 112 ضابطا ومنتسبا في تقريرها الأخير، وهو ما دفع ناشطا
للمطالبة بـ"تقرير واضح" للجنة التي لم يصدر منها سوى "التسويف"
فقط، وفيما اشار نائب الى أن الحكومة الحالية لا تزال "مقصرة" في هذا الملف،
أكد ناشط آخر "تعويله" على هذه اللجنة للتوصل الى الحقائق.
ويقول النائب عبد القهار السامرائي في حديث لـ"العالم
الجديد"، إن "الحكومة لا تزال مقصرة بشكل واضح في عملية كشف الجناة الذين
قتلوا المتظاهرين، وأن استبدال حكومة عبد المهدي بهذه الحكومة لم تكن ذات نفع واضح".
ويضيف السامرائي أن "ما كان يتأمله المتظاهرون
لم تقم به هذه الحكومة، لهذا فهم ناقمون اليوم أكثر من الأمس"، مستدركا
"لكن هناك التفافا واضحا من قبل بعض الاجهزة التي وصفت بالقمعية، حيث تمارس دورها
خارج نطاق الدولة، فهذه الأجهزة هي التي تزيد من احتقان الشارع".
ويوضح أن "إعادة الثقة للشعب العراقي الغاضب
والناقم تكون من خلال إظهار هويات المجرمين وقتلة الناشطين والمتظاهرين، وهذه اولوية
قصوى بالنسبة للحكومة، ومن دون ذلك فانها ستوصف كسابقاتها".
وكان المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق، محمد الجنابي،
أعلن في 28 أيار مايو الحالي، أن الجرائم كانت بشعة وأن الكشف عن الجناة مسألة وقت،
وأن اللجنة استدعت 22 ضابطاً من رتبة نقيب إلى لواء، ونحو 90 منتسباً من وزارتي الداخلية
والدفاع وأن قسماً من الضباط والمنتسبين متهمون بقضايا قتل والقسم الآخر من المتضررين
والضحايا.
يذكر أن اللجنة شكلت وفق الأمر الديواني 293 لسنة
2020، للتحقيق بأحداث قتل المتظاهرين، في تشرين الأول أكتوبر 2019، حيث جوبهت التظاهرات
التي انطلقت في ذلك التاريخ، بالعنف من قبل الأجهزة الأمنية التي استخدمت الرصاص الحي
والقنابل المسيلة للدموع والدخانية، ما ادى الى سقوط مئات الضحايا وإصابة 25 ألفا اخرين،
بحسب احصائيات عديدة لمفوضية حقوق الانسان ومنظمات مختلفة.
وأدت التظاهرات الى إقالة حكومة عادل عبد المهدي،
بعد انطلاقها بشهر واحد، حيث وافق البرلمان على استقالة الحكومة في 1 كانون الاول ديسمبر
2019، وأصبحت بعدها حكومة تصريف أعمال، حتى منح الثقة لحكومة مصطفى الكاظمي في 6 ايار
مايو 2020.
وحول هذه اللجنة، يبين الناشط والاعلامي نوري حمدان
في حديث لـ”العالم الجديد”، أنه "كنا نتوقع بان اقرار مجلس القضاء الأعلى، بعدم
وجد طرف ثالث في عملية اغتيال المتظاهرين ان يكون مشجعا للجان، وبالتالي نخرج بتقارير
قد تثلج الصدور، ولكم مع الأسف الشديد خرج التقرير كما اعتاد العراقيون على التقارير
الطبيعية وانتهت بعناوين عامة غير محددة، ولم تحدد الاطراف الحقيقة في القضية وانتهى
المطاف".
ويتابع "بالرغم من ذكر عدد من الضباط في التحقيق
وتم استدعائهم، ولكن ماهي النتيجة حيث يتم الاستدعاء والقضاء يقول ليس هناك طرف اخر،
فأن هذا يدل على ان القاتل اما يكون من القوات الأمنية او من المتظاهرين"، مشيرا
إلى "أننا نطالب بتقرير واضح يبين فيه من القاتل واذا لم يظهر التقرير بهذه الطريقة
فهو تقرير لتسويف الحقوق والمطالب بدون تحقيق النتائج المرجوة".
وينبه الى أن "المؤسسات الحكومية تقول بأن
لديها القدرة على كشف الجرائم في وقت قياسي محدد، وعليه فإذا كانت هذه الإمكانيات متوفرة،
فلماذا تأخر موضوع كشف قتلة المتظاهرين طوال السنين السابقة"، مؤكدا "عدم
استبعاد الصفقات السياسية والملفات المشبوهة والفساد والابتزاز من قبل الأطراف العاملة
على هذه التحقيقات".
ويلفت الى أنه "قبل أكثر من أسبوع، اجتمع رئيس
الوزراء مصطفى الكاظمي بقادة شيعة وأبلغهم بأن لديه أسماء متورطة في اغتيال المتظاهرين،
حيث أجابوه بضرورة إعلان هذه الأسماء ان كانت لديه ادلة"، مؤكدا أن "هذا
الأمر لا يمكن تجاوزه، لأن هذه الملفات او هذه الأسماء دخلت ضمن الصراعات السياسية
ما بين الكتل السياسية البرلمانية والحكومة".
التظاهرات وبعد مضي ايام على انطلاقها، تحولت الى
اعتصام مفتوح في 10 مدن عراقية بما فيها العاصمة بغداد، لكن بريقها خفت نسبيا بعد تفشي
وباء كورونا في العراق في شهر اذار مارس الماضي 2020، إلا أن خيام الاعتصام بقيت شاخصة
في الساحات دون المساس بها من قبل القوات الامنية، وبقي عدد قليل من المعتصمين متواجدين
داخلها، كما انها تتعرض بين فترة وأخرى، لاستهداف مجهول، يتمثل بتفجير او حرق، الأمر
الذي أدى الى إحراق المتظاهرين لمقار الاحزاب من جديد، بعد حرقها في ذروة التظاهرات.
الى ذلك، يوضح الناشط المدني منتظر بخيت، في حديث
لـ”العالم الجديد”، إنه "بالنسبة للجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة فإننا لازلنا
متابعين لها، ونحن نعتقد أنه من غير الممكن للمجرم أن يحاسب نفسه، حيث أن الجميع متضرر
الاحزاب والميليشيات والجهاز الحكومي، جميعهم تقاسموا ادوارهم بالقتل والتصفية، وجرى
تدارك جرائمهم أمام التماهل والمساندة أو التغافل عنها من قبل الجهاز الامني".
ويلفت بخيت الى أن "الجرائم في محافظة البصرة
كانت تحصل أمام الأجهزة الامنية"، مشيرا إلى "أننا نعول كثيرا على هذه اللجان
التحقيقية ودورنا نحن هو أن نقدم الأدلة الموجودة، ونلجأ إلى القانون، حيث أن أغلب
الجرائم تقريبا هي دعاوى ضد مسؤولين او ضد قيادات امنية".
ويؤكد أن "هذه الدعاوى رفعت الى المحاكم، وأن
عوائل الشهداء والمحامين في الاحتجاج يتابعون هذه القضايا، ونحن طبعا مع المسار القانوني،
وبالتالي فنحن لا نطالب بتصفيات خارج القانون وانما نطالب بتطبيق العدالة"، متابعا
"أعتقد بأنه سيأتي اليوم الذي تفرض فيه العدالة بإرادة شباب ثورة تشرين، كما لدي
اعتقاد بان هذه اللجان ستكون مختلفة رغم أنها لا تلبي الطموح، ولكنها بسبب استمرار
الاحتجاجات الذي يولد الضغط الشديد عليها".
ويردف أن "اللجان السابقة عادة ما نسميها اللجان
التخديرية للجرائم التي تحصل، وبالتالي تمر مرور الكرام مثل جريمة سبايكر وسقوط الموصل
وتفجير الكرادة والطارمية وجرائم الاغتيالات في البصرة"، موضحاً اننا "لا
نريد ان نعطي حكما مسبقا على هذه اللجنة باعتبار أنها مستمرة بتسليم الأسماء ومتابعة
القضايا".
يذكر أن الاغتيالات استمرت عقب انتهاء التظاهرات
وفتح ساحات الاعتصام من قبل الاجهزة الامنية، وشهدت مدن الوسط والجنوب موجة كبيرة من
الاغتيالات طالت الناشطين والمتظاهرين والصحفيين، وبلغت نحو 90 محاولة اغتيال، أدت
الى مقتل أكثر من 30 ناشطا، فيما فشلت المحاولات الأخرى، دون الكشف عن الجهات المنفذة
لهذه العمليات رغم تشكيل لجان تحقيقية بها.
منقول من دون تصرف من المصدر// العالم الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق