قصة قصيرة..


البيت المسكون..!

إيما، وديفيد، وسارة، ومايك، اصدقاء لا يفترقون منذ الصغر يسكنون حي في أطراف المدينة، كانوا قد استمعوا الى شائعات البيت المهجور الذي يقع على مشارف المدينة. انه بيت مشؤوم وله ماضي مأساوي ويتحدث سكان الحي عن قصص مروعة حدثت داخل أسواره.

وفي ليلة عاصفة وقاتمة دخل الاصدقاء غير منتبهين للتحذيرات. لقد تحركوا خلسة عبر الحديقة المتضخمة بينما كانت الريح تعزف سيمفونية مخيفة من الهمسات من حولهم. أضاءت ضربة صاعقة السماء، وأظهرت الشكل المشؤوم للقصر عندما اقتربوا من الباب.

كانت قلوبهم تتسارع بمزيج من الرعب والبهجة عند دخولهم. بدت الجدران وكأنها تهمس، وكان الهواء كثيفا برائحة عفنة. تفرقت المجموعة، وقام كل شخص بفحص منطقة معينة من القصر. عندما بدأ ورق الحائط القديم في الممر الذي كانت فيه إيما يتقشر، كشف عن الحقائق المظلمة المخفية.

سمعت إيما تنهدات لطيفة تتردد عبر الممر وهي تنتقل إلى داخل المنزل. وبينما كانت تتبع الصوت إلى غرفة في نهاية الممر، بدأ قلبها يتسارع. كانت هناك حضانة صغيرة مهجورة بالداخل عندما انفتح الباب. وتناثرت الألعاب المغطاة بالغبار والمطلية بتعابير حزينة على الأرض.

عندما رأت إيما صورة باهتة على الحائط، حبست أنفاسها في حلقها. كان لكل من الأم والرضيع بين ذراعيها عيون حزينة. ويبدو أن وجه الطفلة هو الذي رأته من قبل في الأحلام. استدارت إيما لتنظر عندما أصبح صوت النحيب أقوى فجأة ولاحظت ظهورا شبحيا يحوم فوق سرير الأطفال. لقد كان شبح المرأة التي في الصورة، عالقا في دائرة لا نهاية لها من الحزن.

في هذه الأثناء، وجد ديفيد نفسه في مكتبة القصر المتهالكة. كانت الكتب ذات صفحات صفراء من الزمن، وقد ملأت الرفوف. كان يبحث في العناوين عندما لاحظ كتابا غريبا. افتتح ديفيد الكتاب، وكانت صفحاته تشع بالطاقة الشريرة، وكان غلافه الجلدي القديم يحمل عنوان "إطلاق العنان للكوابيس: دليل لاستدعاء الملعونين". قرأ الكتاب مفتونا ولكن مليئا بالخوف.

وصفت المخطوطة طقوسا من شأنها أن تجلب أبشع الكوابيس من عالم الروح إلى السطح. لم يكن ديفيد على علم بأن فضوله قد بدأ سلسلة من الأحداث التي من شأنها أن تتسبب في إطلاق قدر لا يسبر غوره من الخوف. بدأ القصر الذي كان خامدا في السابق يعود إلى الحياة بطاقة شريرة.

بينما كانت سارة ومايك في أجزاء مختلفة من العقار، تغلب عليهم فجأة شعور بالخوف الساحق. وبينما كانوا يبحثون عن بعضهم البعض، بدت الجدران منغلقة حولهم. ولكن عندما كانوا يدورون حول الزاوية، واجهوا وجها لوجه مخلوقا بشعا كان تجسيدا لأكبر كوابيسهم.

عندما تجمعوا مرة أخرى، تحولت وجوه المجموعة إلى شاحبة من الخوف عندما تعرفوا على الوحش الكامل الذي استيقظوه. القصر، الذي أصبح الآن كابوسا، أصبح ملتويا ومغزليا، وجدرانه تتساقط بقوة مظلمة. ومن الظلال، ظهرت أشكال طيفية، وأرواحهم المعذبة تطلب الراحة.

كان الرعب يزداد سوءا مع مرور كل ثانية. كافحت المجموعة من أجل البقاء، وبينما تعرضوا لمآسي لا توصف، أصبحت صداقتهم أعمق. ومع ذلك، مع استمرار الليل، تضاءلت قدرتهم على التحمل وأصبحت قبضة القصر أكثر صلابة.

تذكرت إيما صورة الحضانة كما شعرت أنه لم يعد هناك أمل. ركضت للخلف وهي تحمل الصورة أمام الشكل الطيفي. وتمتمت بكلمات العزاء والمواساة بينما كانت الدموع تنهمر على وجهها. ببطء، تضاءلت معاناة الروح، واختفت أخيرا في راحة.

أصبح القصر صامتا مع اختفاء الشبح الأخير. ويمكن رؤية شعاع من أشعة الشمس يدخل من خلال النوافذ المكسورة بينما هدأت العاصفة في الخارج. شقت القوات طريقها للخروج مكسورة ومصابة ولكنها منتصرة على الكيانات المرعبة التي عذبتها.

لقد تغيرت الأهوال التي رأوها إلى الأبد عندما غادروا القصر. لن تعود حياتهم كما كانت مرة أخرى أبدا بسبب العلاقات التي أقاموها في أتون الرهبة والكوابيس التي أطلقوا العنان لها. وهكذا وقف القصر مرة أخرى، أسراره مخبأة بين جدرانه المتداعية، في انتظار فرد مقدام آخر ليثير الظلام النائم.

جميع ما ينشر في هذه المدونة للكاتب والصحافي نوري حمدان وهي متاح لجميع المؤسسات الاعلامية في استخدام. يتم التشغيل بواسطة Blogger.