الأحد، 3 فبراير 2019

الرئيسية مكافحة تجنيد الأطفال بين الآليات الأممية والآليات الوطنية العراقية

مكافحة تجنيد الأطفال بين الآليات الأممية والآليات الوطنية العراقية

متابعة الصحافي – نوري حمدان – بغداد

قال الكاتب والأديب المصر جمال بركات، ان "تجنيد الأطفال وسوقهم الى ميدان القتل والتدمير هو بحق وصمة عار للبشرية"، مشيرا الى ان "الطفل هو لبنة بناء المجتمع والمفروض أن نربيه و نعلمه ونوجهه الوجهة السوية".


وأكد بركات في تعليق له على بحث مقدم الى مؤتمر (الاصلاح التشريعي طريق نحو الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد) الذي اقامته مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام وجامعة الكوفة/كلية القانون 25-26 نيسان 2018)، ان "الذي يميز مجتمع عن مجتمع أكثر من العلم والثراء والرفاهية هو الجوانب الخلقية".

وجاء في البحث الذي اعده مدرس مساعد سؤدد طه جدوع، مبحثين، الاول تحدث عن "المركز القانوني للطفل المجند وأسباب وآثار تجنيده"، اما الثاني فتحدث عن "مكافحة تجنيد الأطفال بين الآليات الأممية والآليات الوطنية العراقية".

وقال الباحث ان "آلاف الأطفال يرتبطون بالعديد من القوات والجماعات المسلحة في أرجاء مختلفة من العالم، وقد يكونون المادة الأولية للصراعات، وقد يكونون مادة مساعدة فقط، يقومون بالطهي وحمل الأغراض والتجسس، وغيرها، وسواء جُند الأطفال لأجل المشاركة في المعارك أو لأجل المساعدة فيها، فكلتا الحالتين لقيت إدانة واسعة من الأمم المتحدة".

اليونسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) قالت في تقرير لها ان "ما يربو على 246 مليون طفل يعيشون في بلدان تشهد نزاعات مسلحة"، تؤكد ان هذه الأعداد توفر بؤر نزاعات مسلحة دولية أو غير دولية تؤدي حتماً إلى تجنيد الأطفال، ومن أجل الحد من هذه النتيجة سعت الأمم المتحدة إلى وضع إعلانات بحقوق الطفل وأُبرمت من خلالها معاهدات دولية لحماية الأطفال من التجنيد، وأيضاً أصدر مجلس الأمن العديد من القرارات التي تصب في هذا الهدف، لذا سنتناول كل من هذه الوثائق في نقطتين:

المواثيق والمعاهدات التي أبرمتها الأمم المتحدة للحد من تجنيد الأطفال: تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة العديد من الصكوك الدولية لحماية الأطفال، ابتدأت تلك الصكوك بإعلان حقوق الطفل الذي صدر أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1959، والذي وإن كان مشتملاً على حقوق مهمة لابد أن يتمتع بها الطفل لكنه جاء خالياً من أي حماية له من التجنيد.

والإعلان الخاص بحماية الأطفال والنساء في حالات الطوارئ أو النزاعات المسلحة لعام 1974، ثم أبرمت الأمم المتحدة أتفاقية حقوق الطفل في 20 تشرين الثاني 1989، والتي أشارت في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الثامنة والثلاثون حضر إشراك الأطفال في الحروب، وعدم تجنيد من لم يبلغ الخامسة عشر في قواتها المسلحة، ثم بعد ذلك صدر الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه لعام 1990، وكان توقيعه في أول قمة عالمية للطفولة في 30 سبتمبر/أيلول 1990.

واشار البحث الى ان الأمم المتحدة لم يتوقف جهودها في إصدار صكوك وإعلانات دولية -ولم تكن لوحدها كافية-، بل عززتها أيضاً بأجهزة وهيئات تتولى تطبيق ما جاء فيها من نصوص، وتمارس كل واحدة من هذه الهيئات أعمالاً محددة.

وفي خاتم البحث قال الباحث، ما زال الأطفال إلى اليوم هذا يعانون من اشد استغلال لطفولتهم، يتمثل ذلك بتجنيد الأطفال، وإشراكهم في المعارك التي سببها البالغون، ويتعرضون في هذا العمل إلى اشد أنواع الاستغلال الذي يترك آثار عميقة في نفوسهم، وهم يشاهدون القتل وقد يكونوا هم من يسببوه، بالتالي لا يبقى في تلك الأجساد الصغيرة من الطفولة شيء يذكر، ولا تنتهي القصة بانتهاء العمليات العسكرية أو بعد تسريحهم إذ تظهر إلى السطح مشكلة الجنود الصغار، وما تتطلبه من جهود لأجل إعادة دمج هؤلاء القادمون من المعارك في مجتمع مدني وهم الذين تكونت شخصيتهم في الحروب، فكيف يجدون أنفسهم في مجتمع مدني ليس للسلاح فيه مكان.

ويشير الى انه توصل في بحثه الى ان "ضعف الإجراءات والآليات الوطنية العراقية لمنع تجنيد الأطفال والتي ما زالت تعتمد على قانون هيئة رعاية الطفولة، وهي هيئة غير مختصة، وليس لها نشاط ذكر يتعلق بموضوع البحث.
وخرج الباحث في توصيات الاتية: *رأينا أن التحاق العراق بمعاهدة حقوق الطفل والبروتوكول الأول لها لا زال يعوزه شيء أهم من مجرد المصادقة، إلا وهو إقرار قانون يجرم تجنيد الأطفال، فالمعاهدة والبروتوكول جاءا بعبارات قصيرة مقتضبة عامة، راعت الظروف المختلفة للدول لتضمن انضمامها كلٌ حسب نظامه القانوني للمعاهدات والبروتوكولات، فجاءت بالحد الأدنى للحماية*لابد من أن يتضمن القانون - لو قُدر له الظهور – آليات تضمن حُسن تطبيقه داخلياً، وتعاون بين دول الجوار العراقي لملاحقة مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال، ولو لم يرتكبوا أي جريمة غير هذه. *لابد من مصادقة العراق على البروتوكول الثالث الذي يضمن للأطفال أو ممثليهم حرية الشكوى أمام لجنة الأمم المتحدة، إذ أن في ذلك ضمانة مهمة لا لحقوق هؤلاء الأطفال فقط، بل ولملاحقة مرتكبي جرائم تجنيدهم. *إن تشريع يحاول إنهاء تجنيد الأطفال هو تشريع أعرج، إن لم يتناول أيضاً معالجة وإعادة تأهيل الأطفال الذين تم تجنيدهم، ولابد أن يتضمن الوسائل الكفيلة بإعادة إدماجهم بالمجتمع، الأمر الذي بخلافه لا تنتهي معاناتهم ولا معاناة المجتمع نفسه، فالعلاج باحتوائهم لا بالنظر إليهم كمصدر تهديد.
جميع ما ينشر في هذه المدونة للكاتب والصحافي نوري حمدان وهي متاح لجميع المؤسسات الاعلامية في استخدام. يتم التشغيل بواسطة Blogger.