بقلم الكاتب والصحافي رافد
جبوري المتحدث السابق باسم مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي
اختار
رئيس
الوزراء
العراقي
المكلف
عادل
عبد المهدي ان يبدا عهده بخطوة تثير الضحك والاستياء في نفس الوقت فقد دعا العراقيين الراغبين لان يصبحوا وزراء الى التقديم على مناصب الوزراء على موقع الكتروني رسمي ! ليست هذه بداية موفقة لعادل عبد المهدي مع الراي العام العراقي الذي ظهرت منه في السنوات الاخيرة دلائل لا تخفى على حجم الغضب والاستياء من الطبقة السياسية واداءها. هناك قلة او ربما انعدام في الثقة من طرف الجمهور بالطبقة السياسية برمتها وهذا امر لا يخفى على المراقب البعيد او القريب كما ان اسبابه معلومة ايضا. من الواضح ان الرئيس المكلف يحتاج الى تقييم صحيح للوضع وفهم لحجم النقمة الشعبية التي تفجرت على شكل مظاهرات في البصرة وغيرها و مقاطعة واسعة للانتخابات قبل ذلك ومستوى كبيرا من الاحباط واليأس عند كثير من المثقفين والناشطي. بعد هذا الفهم سيحتاج لاستراتيجية واضحة للقيادة.
تحول
اعلان
عبد المهدي للمناصب الوزارية بسرعة الى نكتة مريرة يتناقلها العراقيون من مختلف الاتجاهات . لقد وضع الرجل نفسه في زاوية غريبة حتى قبل ان يبدأ عهده. عليه الان ان يثبت مصداقيته في قضية هي الاعقد اذ يعرف هو جيدا كواحد من قادة العملية السياسية ووجوهها ان الاحزاب المهيمنة على السلطة تسيطر على ابسط الوظائف والتعيينات فكيف بالوزارات و المناصب الذهبية . واذكر انني عندما اشكيت لاحد الاصدقاء الثقاة والمطلعين على تفاصيل العملية السياسية من الحرب غير المعلنة والتي تحولت الى معلنة لاحقة والتي شنها ضدي انصار احزاب وقوى سياسية بعد استجابتي لدعوة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي للعمل معه في بداية عهده ان صديقي نظر لي قائلا ان هؤلاء يتقاتلون من اجل منصب معاون مدير مدرسة او ما دون ذلك مع الاحترام طبعا للتربويين فكيف لا يهاجمونك ويفعلون اكثر فهم يعتبرونك اخذت المنصب منهم ومن رصيدهم.
قلت سابقا بان رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي يبدأ عهده بداية صعبة مع الراي العام بل هي الاصعب مقارنة بكل من تولى رئاسة الوزراء بعد الفين وثلاثة. فاياد علاوي كان اول رئيس وزراء اسنده راي عام يتطلع لشئ من الاستقرار واعادة بناء الدولة والجعفري عندما تولى المنصب كان قطاع واسع في الشارع الشيعي ينظر له كخطيب مفوه ولم تكن زلاته وفذلكاته اللفظية قد وصلت ما وصلت اليه اليوم. وعندما جاء المالكي كان هناك ايضا شعور بالارتياح لازاحة الجعفري الذي اتهم بالطائفية والفشل في الادارة وكان المالكي ايضا رئيس وزراء اول برلمان منتخب بعد الجمعية الوطنية. اما حيدر العبادي فرغم انه جاء الى الرئاسة بعد التفافه على زعيمه نوري المالكي واستلم رئاسة الوزراء في ظرف عصيب هو تمدد تنظيم داعش واحتلاله لمحافظات بكاملها فقد حظي بتأييد كبير من كل من كان يعارض المالكي وقد كانوا كثيرين. كل خطوة كان يخطيها العبادي كانت تلاقي مقدارا كبيرا من الترحيب من راي عام كان يريد الخروج من محنة ونكسة سقوط الموصل وما تلاها. كان انصار المالكي متصدرين للحملات ضد العبادي لكن حتى ذلك كان يقويه لان خصوم المالكي والمستاءين منه كانوا اكثر سواء على الصعيد الدولي والاقليمي والعراقي.
لن يتمتع عادل عبد المهدي بما تمتع به العبادي من تعاطف نراه مستمرا حتى الان على مواقع التواصل الاجتماعي فقد اتى العبادي بشخصيته التي تتجنب التصادم والتي تميل الى الحذر والسلامة بعد المالكي الذي كان عكس ذلك. صنف الراي
العام
العبادي
الخارج
من رئاسة الوزراء في صورة الشخصية غير الطائفية مقارنة بالمالكي وتجاهل الراي العام ان العبادي كان لاخر اسبوع قبل توليه رئاسة الوزراء عضوا في كتلة المالكي وحزبه مدافعا عن المالكي ومروجا لقيادته. كما ان استعادة الاراضي التي احتلها تنظيم داعش سجل انجازا للعبادي رغم الدور الهائل للولايات المتحدة في الاسناد العسكري والسياسي بكل اشكاله بالاضافة الى الدور القتالي البري للحشد الشعبي المتحالف مع ايران.انا هنا اسجل الوقائع ولست بصدد الدخول في الجدل حول الاتهامات والمواقف سواء لواشنطن او لطهران او الحشد او للعبادي او غير ذلك. اما ازاحة الكرد من كركوك والمناطق المتنازع عليها فقد كانت محطة اخرى جلبت للعبادي دعما كبيرا من الراي العام. لن يحظى عادل عبد المهدي بأي شئ من ذلك فقد تم اختياره للمنصب من اجل ان يقوم بما فشل فيه العبادي وتحديدا في ملفات اصلاح الاداء الحكومي ومحاربة الفساد وتلك معارك اصعب من المعارك العسكرية ولن ينفع فيها لا الاسناد الاميركي ولا التفاهم مع ايران. لقد اختار عبد المهدي بداية صعبة لذلك سيكون عليه اصلاحها واصلاح طريقته في التفكير والادارة ان اراد ان يصلح ما هو ابعد من ذلك. اما الوزراء
فسيتحمل
مسؤولية
ادائهم
مهما
كانت
طريقة
اختياره
لهم, الا اذا اراد الاستمرار في النهج الذي سار عليه من سبقه في رئاسة الوزراء في لوم القوى السياسية والتحجج بانه لا يحكم لوحده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق