نــحــو قــــانـــون أحــزاب
ديــــمــقــراطـــي
في الوسط السياسي تدور في هذه الايام نقاشات وجدالات بشأن قانون الاحزاب
الذي احيل من مجلس الوزراء الى مجلس النواب للمصادقة عليه، وقد ثبتت عليه العديد من
الملاحظات من قبل اعضاء البرلمان والسياسيين والقانونيين والكتاب والاعلاميين
وناشطين مدنيين، في فعاليات عديدة مؤكدين ان هذا القانون غير ديمقراطي، فيما وصفه
البعض انه صارم لاينسجم مع الدولة المدنية المراد تأسيسها في عراقنا
الجديد.
للحديث عن قانون الأحزاب يستوجب التوقف عند اهمية القانون في الحياة
السياسية البلدان الديمقراطية، واهميته في بناء الدولة المدنية الديمقراطية الناشئة
مثل العراق، لا سيما في ظل تعقيدات كثيرة يشهدها البلد جراء الصراع بشأن شكل ومضمون
الدولة العراقية.
أن تغيير الحكم في اي بلد من دكتاتوري الى ديمقراطي، يتطلب تشريع قوانين
ترتكز عليها العملية الديمقراطية ذات اسس واضحة، كاستقلال السلطات والتبادل السلمي
للسلطة عبر انتخابات شفافة، وهذه العملية تقودها احزاب اهدافها التغيير والبناء،
وتكون برامجها وانظمتها الداخلية ذات طابع ديمقراطي سلمي، وهذه الديمقراطية الناشئة
تمر بشكل عام باصعب فترة انتقالية في تاريخ حياة الشعوب، لذك يجب ملء الفراغ واعادة
بناء البلد بمساهمة الاحزاب التي تقود هذا التغيير. اما في هذه الفترة فتوجد قوى سياسية مضادة تاخذ سياستها طابع العنف، واخرى
لايروق لها تثبيت اسس الديمقراطية فتحاول حرف مسارها، وعرقلة تشريع القوانين التي
من شأنها ترسيخ الديمقراطية.
ان قانون الاحزاب هو من القوانين الاساسية لبناء الدولة المدنية
الديمقراطية، ونحن في العراق قد تأخرنا كثيراً بتشريع هذا القانون، والحديث عن
التأخير واسبابه، يعود بنا الى نهج بعض القوى التي تريد التفرد والاستئثار
بالسلطة.
أن بعض تفاصيل القانون المحال من الحكومة الى مجلس النواب لا تنسجم مع
تطلعات الشعب العراقي الذي يسعى لترسيخ الديمقراطية كممارسة، حيث ورد في الفصل
الاول بالمادة (2) فقرة ثالثاً: "دائرة الاحزاب: دائرة الاحزاب السياسية في وزارة
العدل". المراد من هذه الفقرة إخضاع الأحزاب السياسية لوزارة العدل التي هي جزء من
السلطة التنفيذية، حيث وضعت الاحزاب تحت رقابة السلطة التنفيذية.اذن اذا اردنا ان نحافظ على الديمقراطية واستقلالية الاحزاب يجب ان ترتبط في
هيئة مستقلة تخضع للدستور ومجلس النواب.
اما الفقرة ثانياً من المادة (4) في الفصل الثاني، فتتحدث عن المبادئ
الاساسية فتقول "لا يجوز تأسيس الحزب على أساس العنصري أو الإرهاب أو التكفير أو
التعصب الطائفي أو العرقي أو القومي"، الجزء الاول من هذه الفقرة لاضرورة له بحكم
الدستور، اما الجزء الآخر ففيه مخالفة دستورية واضحة حيث يمنع تأسيس حزب على التعصب
الطائفي او العرقي او القومي، وبخلافه يجوز تأسيس أي حزب على اسس طائفية او عرقي او
قومي.
كما ان هذه الفقرة تتقاطع مع الفقرة اولاً من المادة (6) في نفس الفصل
"يساهم الحزب الذي يؤسس وفقاً لأحكام هذا القانون في تطوير المجالات السياسية
والاجتماعية والاقتصالدية على اساس الوحدة الوطنية".
هنا لابد من طرح سؤال كيف لحزب طائفي او عرقي او قومي ان كان متعصباً او غير
متعصب ان يعمل على تطوير المجال السياسي هل يسمح الى غير ما اسس لاجله بالانتماء؟
وهل سيتقبل العادات والتقاليد الاجتماعية المتنوعة في البلد ويعمل على تطويرها؟ وهل
سيسعى لتحسين الاقتصاد لكل أفراد المجتمع دون تمييز؟ واذا فعل ذلك فلماذا تأسيسه
على اساس طائفي او عرقي او قومي؟
في الفصل الثالث احكام التأسيس المادة (9) والتي تتحدث عن ما يشترط فيمن
يؤسس حزب، فقرة ثانيا من هذه المادة تشير الى : "أكمل الخامسة والعشرين من العمر،
ومتمتعاً بالاهلية القانونية"، وهذه الاخرى فيها مخالفة دستورية ايضاً إذ يعطي
الدستور المواطن الحق بممارسة حقوقه كاملة بعد بلوغه 18 عاماً، فرفع مستوى العمر
هنا وحرمانه من حقوق المواطنة يعد خرقاً دستورياً واضحاً. في المادة (11) من الفصل الرابع (اجراءات التسجيل) فقرة اولاً:
(أ)- "يقدم طلب التأسيس تحريرياً الى رئيس محكمة القضاء الاداري في بغداد مرفق به
قائمة باسماء عدد لايقل عن (2000) عضو مؤسس مقيمين في (6) ست محافظات عراقية على أن
لايقل عدد المؤسسين عن (100) عضو في كل محافظة من هذه المحافظات". أن هذه الفقرة
تسد الباب بوجه الاحزاب الصغيرة، الامر الذي يعد هدماً اساسياً لركن من اركان
الديمقراطية، هذا اولاً، أما ثانياً لماذا يقدم الطلب الى المحكمة الادارية
والمعروف عنها أنها تختص بقضايا دوائر الحكومة والموظفين؟، فهل المراد هنا أن تكون
الاحزاب خاضعة لقرارات الحكومة؟، ولماذا الاشتراط بـ(2000) عضو مقيمين في
(6) محافظات؟ كيف لحزب لم يسجل ان ينشط ويجمع هذا العدد في ست محافظات؟، هل هذه
الفقرة تشجع على العمل السري في ظل دولة ديمقراطية ام ماذا؟، كما انها لا تراعي
النظام الاداري اللامركزي والفدرالي الذي يتمتع به العراق وفق احكام الدستور، كما
ورد استثناء في (ب) من نفس الفقرة "تستثنى الأحزاب التي تمثل الأقليات من الشرط
الوارد بالفقرة (أ) من البند أولاً والمتعلق بإقامة الأعضاء المؤسسين في (6) ست
محافظات" وبهذه يعود القانون مرة اخرى لتكريس الطائفية والعرقية والقومية التي يسعى
العراقيون للخلاص منها ومن ويلاتها التي اوصلت البلد الى انقسامات حسب هويات فرعية
وثانوية والابتعاد عن الهوية الاساسية الوطنية، فنحن اليوم امام توصيف مواطن يتمتع
بالحقوق في عراق موحد.
أما الوثائق التي ترفق طي طلب التأسيس المشار لها في الفقرة ثانياً من
المادة (11) في الفصل الرابع.. "(أ) ثلاث نسخ من النظام الأساسي للحزب وبرنامجه
السياسي. (ب) قائمة بأسماء الأعضاء المؤسسين معززة بتواقيعهم الشخصية ومصدقة من
كاتب العدل. (ج) صورة مصدقة من هوية الأحوال المدنية وبطاقة السكن لكل واحد من
المؤسسين. (د)- سند فتح حساب مصرفي للحزب. (هـ)- نسخة من صحيفة سوابق كل عضو مؤسس
ترسل من قبل وزارة الداخلية/ دائرة الأدلة الجنائية تؤكد خلو صحيفته من أي حكم
قضائي بات عن جريمة القتل العمد أو جريمة مخلة بالشرف أو جرائم الإرهاب أو الفساد
المالي أو الإداري خلال مدة (30) يوماً من تاريخ تقديم الطلب"، نرى في هذه الفقرة تشكيك وعدم ثقة. يجب احترام المواطنة في القوانين
فالمواطن هو الهدف، والهوية الشخصية تعوض عن كل هذا، وان مشروع القانون يتدخل من
خلال تقديم الحزب لعضويتة وعناوينهم وسيرجعنا لمبدأ الشك والمراقبة وعدم الثقة
فأصبح القانون مبدأ لاتهام مسبق، ناهيك عن الروتين الإداري والتقليدي المقيت فيها،
لذلك يجب ترشيق هذه الفقرة وعدم التعقيد فيها. حدد القانون فترة زمنية للنظر في طلب تأسيس الحزب كما ورد في المادة (12)
فقرة ثانياً: يتم تحديد موعد محدد للنظر في الطلب خلال خمسة عشر يوماً من تأريخ دفع
الرسم. وجاء في المادة (13) في الفقرة ثانياً: تحدد المحكمة يوماً محدداً لإصدار قرار بقبول أو رفض طلب تأسيس الحزب وخلال
(15) يوماً من تأريخ انتهاء فترة النشر ويفهم القرار علنا من قبل رئيس هيئة
المحكمة. ولم يشر القانون هنا أنه إذا لم يتم النظر أو إصدار قرار القبول هل يعتبر
الحزب مجازاًُ قانوناً أم لا؟. الفصل الخامس والذي يتحدث عن الحقوق والواجبات، أن هذا الفصل جاء بتفاصيل
كثيرة ومطولة ومكررة وبعضها كفلها الدستور لكل مواطن خصوصاً وقد ورد في المادة (20)
للحزب شخصية قانونية، "يتمتع الحزب بالشخصية القانونية المعنوية ويمارس نشاطه تبعاً
لذلك"، وبذلك يخضع للقوانين، ومن بين هذه الفقرات الواردة بهذا الفصل فقرة أولاً
وثانياً من المادة (22) والتي يكفل الدستور مضمونها لكل مواطن وليس لحزب
فقط:
"أولاً: مقرات الحزب مصونة ، ولا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بقرار قضائي
وفقاً للقانون."
"ثانياً: وثائق الحزب ومراسلاته ووسائل اتصاله مصونة ،ولا يجوز تفتيشها أو مراقبتها أو التنصت عليها، أو الكشف عنها، إلا لضرورة قانونية وأمنية، وبقرار قضائي."اما في الإعلام فقد ورد في الفقرة ثانياً من المادة (23) تحديد حرية الإعلام حيث حملت الفقرة مسؤولية رئاسة تحرير الصحيفة أو المجلة التي يصدرها الحزب ما ينشر فيها وذلك خلافاً لحرية الصحافة والإعلام، نص الفقرة كما وردت في القانون "يكون رئيس تحرير صحيفة أو مجلة الحزب هو المسؤول عما ينشر فيهما."في الفصل السادس وهو يتحدث عن النظام الداخلي للحزب، وقد ذهب إلى تفاصيل مطولة هي من شأن حياة الحزب الداخلية والتدخل فيها يعد انتهاكاً للحرية الحزبية.ان هذا الفصل بحاجة الى تعديل وحذف الكثير منه لأمرين الأول عدم التدخل في حياة الحزب الداخلية والثاني لرشاقة القانون وخروجه بما ينسجم مع الديمقراطية المزمع ممارستها في عراقنا الجديد.
"ثانياً: وثائق الحزب ومراسلاته ووسائل اتصاله مصونة ،ولا يجوز تفتيشها أو مراقبتها أو التنصت عليها، أو الكشف عنها، إلا لضرورة قانونية وأمنية، وبقرار قضائي."اما في الإعلام فقد ورد في الفقرة ثانياً من المادة (23) تحديد حرية الإعلام حيث حملت الفقرة مسؤولية رئاسة تحرير الصحيفة أو المجلة التي يصدرها الحزب ما ينشر فيها وذلك خلافاً لحرية الصحافة والإعلام، نص الفقرة كما وردت في القانون "يكون رئيس تحرير صحيفة أو مجلة الحزب هو المسؤول عما ينشر فيهما."في الفصل السادس وهو يتحدث عن النظام الداخلي للحزب، وقد ذهب إلى تفاصيل مطولة هي من شأن حياة الحزب الداخلية والتدخل فيها يعد انتهاكاً للحرية الحزبية.ان هذا الفصل بحاجة الى تعديل وحذف الكثير منه لأمرين الأول عدم التدخل في حياة الحزب الداخلية والثاني لرشاقة القانون وخروجه بما ينسجم مع الديمقراطية المزمع ممارستها في عراقنا الجديد.
وهنا بودي الإشارة إلى الفقرة ثانياً من المادة (32) " تعقد الهيئة العامة
اجتماعها الاعتيادي مرة واحدة كل سنة، وبدعوة وفقاً للنظام
الأساسي." وهذه الفقرة ممكن أن تتحدث عن انتخابات في مؤسسة تجارية أو منظمات المجتمع
المدني، من السهل جمع أعضائها بالطريقة المشار لها في الفقرة أو بما هو معمول بها
في تلك المؤسسات التي تعلن عن اجتماع الهيئة العامة بموعد محدد وان لم يكتمل النصاب
تذهب إلى تحديد موعد آخر تجري فيه الانتخابات بمن حضر، أما الحزب السياسي الذي يسعى
للتنمية السياسية في المجتمع علية أولاً أن يمارس الديمقراطية الحقيقية في حياته
الداخلية ومنح الفرصة لكافة أعضائه للحضور أو انتداب من ينوب عنهم في هكذا اجتماع
مهم، والتي يجب ان يشترك فيها كافة أعضاء الحزب حسب النظام الداخلي للحزب وان لا
تكون انتخابات فوقية كما يمارسها بعض الأحزاب اليوم.توقف النشاط السياسي وحل الحزب والذي ورد في الفصل السابع من القانون في
الفقرة أولاً "(أ) إذا لم يشترك الحزب في انتخابات مجلس النواب و انتخابات المجالس
في الإقليم أو المحافظات غير المنتظمة بإقليم في دورتين انتخابيتين متعاقبتين."
ففيها ممارسة غير ديمقراطية بحل الحزب، فلا يمكن أن يحدد مقياس المشاركة في
الانتخابات استمرار لعمل الحزب فللحزب حق بان لا يشترك لدورة أو دورتين أو ثلاثة
حتى لملاحظات له على العملية السياسية ويكون مراقباً للعملية السياسية ومعارضاً لها
كما كفل له الدستور. أما حديث البعض عن التموين المالية من الدولة وخشيتهم بان تأسس
أحزاب للحصول على المال فقط، فهذه ممكن معالجتها وفق نشاط الحزب وبطريقة ديمقراطية
غير قمعية.
والحديث عن التموين المالي للأحزاب يصل بنا إلى الفصل الثامن و المادة (52)
تتولى دائرة الأحزاب توزيع المبلغ الكلي للإعانة المالية على الأحزاب وفقاً للنسب
الآتية:أولاً : (30 %) ثلاثون بالمئة بالتساوي على الأحزاب المسجلة وفق أحكام هذا
القانون.ثانياً: (70 %) بالمئة على الأحزاب الممثلة في مجلس النواب وفقاً لعدد المقاعد التي حاز
عليها مرشحوها في الانتخابات.
في هذه المادة توزيع الإعانة المالية بالنسب المحددة غير عادل فتشير في
أولا: (30%) ثلاثون بالمئة على الأحزاب المسجلة وفق أحكام هذا القانون ولم تشر إلى
الأحزاب الممثلة في مجلس النواب التي منحتها الفقرة ثانياً: (70%) رقماً وأربعون بالمئة كتابة فما بين الرقم والكتابة (30%) ثلاثون بالمئة كيف
سيتم توزيعها أن كان ذلك ليس بخطأ مطبعي.
نعود إلى عدم العدالة في التوزيع فالتساوي في التوزيع بين الأحزاب غير عادل
فلكل حزب نشاط وقاعدة ممكن أن تكون هي المعيار في التوزيع، كما أن تشترك الأحزاب
الممثلة في مجلس النواب مع الأحزاب التي لم تمثل بمجلس النواب في الثلاثين بالمئة
ولهم نصيب في السبعين بالمئة هذا غير عادل وهي نسبة الثلاثين والسبعين غير عادلة
بالمطلق، كما اهمل هذا التوزيع الأحزاب الممثلة في مجالس المحافظات، فهل المال
العام هو من نصيب الأحزاب التي تمثل في مجلس النواب ام هي حق لكل العراقيين؟ لذلك
نتمنى أن تعاد صياغة هذه المادة وان يتم التوزيع بشكل منصف لجميع الأحزاب لكي تتوفر
الفرص المتكافئة للجميع في التنافس وان لا يكون الهدف من الوصول إلى مجلس النواب
الاستحواذ على هذه المعونات بل أن تكون خدمة للصالح العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق