تقرير – عدوية الهلالي – بغداد
اعلنت منظمة الصحة العالمية
دخول العراق في مرحلة "التفشي المجتمعي" لفايروس كورونا، وهي تمثل المرحلة
الثالثة، اما المرحلة الرابعة فستكون فيها البلاد موبوءة بشكل كامل، الأمر الذي يتطلب
من الدولة اتخاذ اجراءات سريعة وشديدة.
واذا كانت المرحلة الاولى
من الوباء قد ضاعفت من مستوى الفقر في العراق وأثرت على اصحاب المهن الحرة بشكل كبير
فضلا عن التذبذب في عملية استلام الراتب بالنسبة للموظفين، فكيف سيكون الحال اذن في
الفترة المقبلة؟!
يتخوف احمد الدليمي، صاحب
محل لبيع الملابس، من الكساد الاقتصادي الذي حل بالبلد بعد جائحة كورونا، فقد نتج عن
المرحلة السابقة اغلاق العديد من المحال التجارية وعرضها للبيع او الايجار لعجز اصحابها
عن تسديد ايجاراتها أو تصريف بضائعها، كما ان أصحاب المهن التي توقفت بسبب تفشي الفايروس
اضطروا الى انفاق كل مدخراتهم – ان وجدت – ولم يتمكن زبائنهم الذين اعتادوا على شراء
البضائع غالبا بالتقسيط او بالدفع آجلا من سداد مابذمتهم لتأخر رواتبهم او معاناتهم
من نفس المشكلة وتوقف اعمالهم بسبب الحجر الصحي الذي استمر لأشهر وأثر كثيرا على الاقتصاد
العراقي.
أما مربي الاسماك حيدر
الخزرجي فيشكو من عجزه ورفاقه في المهنة عن بيع محصولهم من الاسماك لضعف القوة الشرائية
لدى الزبائن في السوق والتي طالت الكثير من المنتجات الغذائية والكمالية وأدت الى توقف
بعض المهن او تراجعها خاصة وان الموضوع مستمر وقد يمتد تأثيره على الاقتصاد لأشهر اخرى
او ربما اكثر قليلا.
وكانت وزارة التخطيط قد
كشفت عن نسبة زيادة الفقر في العراق، جراء جائحة كورونا، وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة
عبد الزهرة الهنداوي ان الوزارة وضعت خطة لتلافي زيادة نسبة الفقر، مشيرا الى ان جائحة
كوفيد 19 والأزمة المالية قد تسببت بزيادة معدلات الفقر في العراق الى أكثر من 31%،
ومضيفا ان "الشرائح الهشة في المجتمع كانت الأكثر تأثرا وتضررا من هذه الأزمة
نتيجة توقف الكثير من الاعمال، لاسيما اعمال القطاع الخاص".
وترى الدكتورة مائدة حسين/
قسم المحاسبة في كلية الرافدين ان جائحة كورونا عاثت في الاقتصاد العالمي دمارا حتى
أصابه الشلل، فقد عرقلت الانتاج والامدادات والنقل الجوي عبر العالم، وأضعفت الطلب
العالمي وأصابت قطاعات المال والطيران والنقل والسياحة بخسائر فادحة، وقد تأثر العالم
بهذه الجائحة وخصوصا الدول ذات الاقتصادات الهشة وهي الاقتصادات ذات الطبيعة الأحادية
غير القابلة على التكيف مع الأزمات المحلية أو الدولية، فمن المعروف إن الاقتصاد العراقي
يعتمد على النفط بشكل رئيسي، وهناك توقعات بحدوث انكماش في اقتصادات دول العالم وممكن
ان يصل لحد الركود الاقتصادي الامر الذي يبين الحاجة الى دعم مالي ضخم من حكومات دول
العالم لتنشيط اقتصادها بعد جائحة كورونا في الوقت الذي يعاني فيه العراق اصلا من ازمة
مالية.
أما الدكتور طارق عبد الحافظ
الزبيدي المتخصص في العلوم السياسية فيرى ان الاقتصاد العراقي تأثر بتداعيات كورونا
شأنه شأن الاقتصاد العالمي، وأبرز التداعيات الاقتصادية هو انخفاض أسعار النفط العالمي،
وتأثير ذلك كان الأشد على العراق الذي يعتمد في ميزانيته المالية بحدود 95% على الأموال
التي يجنيها من بيع النفط اذ أصبح العراق اليوم أمام أزمة حادة قد تهدد الاقتصاد بالمجمل،
والسبب كون العراق لم يضع خطة بديلة لمثل هكذا أحداث، إضافة إلى عدم تنشيط موارد أخرى
كالزراعة والصناعة والتجارة، فمنذ التغيير السياسي عام 2003، ولغاية اليوم لم يعمل
على استكشاف حقول جديدة في المساحات الشاسعة والتي في غالبها قد تكون بيئة خصبة لاستخراج
النفط، ثم أن العراق حسب العديد من التقارير يشير إلى إمكانية استخراج الغاز والكبريت
لاسيما في محافظة الأنبار أو في بعض محافظات الجنوب التي تتوفر فيها معادن لم تستكشف
ولم تستثمر كالزئبق على سبيل المثال.
اما الخبيرة الاقتصادية
الدكتورة اكرام عبد العزيز، فقد أكدت على وجود وسائل للتغلب على الأزمة الاقتصادية
منها تفعيل دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة وفتح دورات تدريبية للشباب العاطل عن العمل
من قبل منظمات المجتمع المدني او المصارف المانحة للقروض لانشاء مشاريع خاصة ,أيضاً
من الممكن أن يصبح الاستثمار عنصراً فاعلاً في إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي من خلال
تأمين دخول رؤوس الأموال وتوظيفها في مشاريع حقيقية تخدم الاقتصاد والتنمية بجلب الاستثمارات
والتكنولوجيا والخبرات بما ينوع الميزان التجاري لتفادي طوق القيد النفطي والتنوع في
المحتوى التصديري من منتجات وبضائع وحتى في الجانب الخدمي منها مع تحجيم المحتوى الاستيرادي
واستثمار عقول الخبراء من مخترعين ومبتكرين.
في الوقت الذي يرى فيه
الباحث الاقتصادي عادل الطائي ان الوباء سيطول ولن يسهل الحصول على اللقاح قريبا، لذا
سيصبح التعايش مع كورونا ملحا والخروج من الوضع الاقتصادي والعزلة الاجتماعية امرا
حتميا، لأن الاجراءات الاحترازية والحجر المنزلي لم يكن قرارا سهلا، خصوصا أن ضريبته
قد تؤدي إلى كساد اقتصادي ربما يكون أشد فتكا من الفيروس نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق