يمثل الانترنت بيئة الكترونية خصبة للشباب تتيح لهم تبادل الأفكار ونشر الآراء والمعلومات والتواصل الاجتماعي، والانضمام لمجموعات متعددة الرؤى والاتجاهات الفكرية بتنوعها، ولكن تكمن احدى المشكلات في عدم تفريق اغلب الشباب ما بين حرية الرأي والتعبير، وبين نشر عبارات العنف والتحريض والقذف وانكار وجود الآخر المختلف والتي تقع تحت مظلة ما يسمى خطاب الكراهية.
ان هذه الخطابات لم تظهر بين ليلة وضحاها بل هي نتاج أفكار متطرفة افرزتها وسائل الاعلام بمجملها، وهي خطابات لاتختلف تأثيراتها على ما تنتجه المجاميع الارهابية (داعش) التي ترفض مبادئ السلم الأهلي والتعايش السلمي، ونامل ونسعى لتحويلها من خطابات مستهلكة الى منتجة والحد من بقائها بلا رقيب.
وفي متابعة لاغلب صفحات الشباب العراقي تبين لنا انفعالهم على اثر خسارة المنتخب العراقي عدم ادراكهم لخطورة المنشورات التي تنعكس أهدافها على المجتمع، لاسيما وانه كلما زاد التفاعل معها عن طريق الاعجاب والتعليق والمشاركة تظهر لفئة اكبر من المستخدمين ويزيد انتشارها ليستمر وجودها لسنوات احياناً والتي بينت كم يحمل الشباب من مشاعر سلبية وتهكمية ضد دولة قطر وضد اللاعب (بسام الراوي) من جهة أخرى، وبغض النظر عن موقفنا من تصرف اللاعب الا ان خطاب الكراهية بهذا الشكل غير مقبول لاسيما وانها تتعارض مع الروح الرياضية التي من المفترض ان يتحلى الجمهور الرياضي بها.
نهى نجاح العنزي
ان خطورة هذه الخطاب تكمن في تحول الشباب في مواقع التواصل من مستهلك الى منتج لهذه الخطابات السلبية التي تهدد امن وسلامة المجتمع، والتي تنتهك حقوق الانسان وتخلق الحقد والبغضاء بين المكونات والدول المختلفة، وتؤشر لقلة وعي الشباب وادراكهم لما يتم تناوله من نكات وبعض التسميات تحوي كما هائلا من الكراهية.
وتؤدي وسائل الاعلام الالكترونية دوراً اساسياً في بث خطاب الكراهية تارة والتصدي له في الوقت ذاته، فالمشكلة ليست بالأعلام بل باستخدام الافراد له وعدم وعيهم بكيفية التعامل مع الوسيلة فأصبحوا مروجين لخطابات العنف تفتك بالمجتمع وتعيق خطواته في التنمية، ولاشك ان وسائل الاعلام هي مرآة للمجتمع التي توجد فيه وبالتالي هي انعكاس لما يفكر به ويتصرف افراده، وما حصل في الموصل وما تعرضت له الأقليات من المسيحيين والايزيديين وغيرهم الا نتاج للخطابات التحريضية التي أوقعت بضلالها على كل افراد المجتمع بلااستثناء.
ان المجتمع اليوم بحاجة لخطاب مضاد للكراهية يركز على المحبة والتسامح وقبول الاخر و قبول الخسارة ببرامج تتبناها الحكومة مع وسائل الاعلام والمجتمع المدني، ترعى خطابات ضد العنف والكراهية لبناء السلام وترسيخ مفاهيم التماسك الاجتماعي والسلم الأهلي لتشجع تبادل الأفكار ومحاربة التطرف التي تهدد وجود الاخر لنصل الى مجتمع متعايش ويمكن الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا الصدد.
الا ان هذا لايكفي بدون قانون يمنع ويجرم خطابات العنف والكراهية لمحاربة أي محاولات للتفرقة العنصرية والقومية عبر أي وسيلة إعلامية بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسات الإعلامية والدينية والسياسية للعمل على إعادة بناء المجتمع الذي عانى الكثير.
المصدر// جريدة الزمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق