ماذا تعني السيادة النقدية التي يسعى العراق لتطبيقها..؟


ماذا تعني السيادة النقدية التي يسعى العراق لتطبيقها..؟

لضبط سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي الذي يشهد تذبذبات أدت الى تراجع قيمة الدينار، ترافقت مع الامتثال لقواعد دولية في التحويلات المالية، أثرت على عرض الدولار في السوق. يتجه العراق إلى تطبيق مبدأ السيادة النقدية لمواجهة الازدواجية النقدية، في ظل وجود سوق غير نظامية لصرف العملة الأجنبية الذي أضر باقتصاد البلاد.

وفي تطبيق "مبدأ السيادة النقدية"، يصبح الدينار العراقي الملجأ الوحيد للتبادل والتسعير وتغطية التعاملات الداخلية، بحسب مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء، لكن السياسة النقدية في العراق تواجه تحديات عديدة، وفق ما تؤكد تقارير إعلامية محلية.

وفي ورقة بحثية نشرتها شبكة الاقتصاديين العراقيين في تشرين الأول الماضي أوضح المستشار الاقتصادي أن السيادة النقدية يطلق عليها اسم "الويستفالية" والتي تعبر عن "سلطة الدولة في ممارسة السيطرة القانونية الحصرية على عملتها عبر وظائف البنك المركزي كونه السلطة الحصرية لتعيين كميات العملية وقيمتها كوسيلة للمدفوعات. وزاد أن اسم "الويستفالية" يأتي من نظام ويستفاليا الذي يمثل مبدأ في القانون الدولي بأن كل دولة لها السيادة الحصرية على أراضيها، وهو ما ينص عليه صراحة ميثاق الأمم المتحدة.

وتقوم السيادة "الويستفالية النقدية" على: استقلالية إدارة النقد، إصداره ونظام الصرف، وفقا للورقة البحثية التي يرى صالح من خلالها أن العراق يحتاج إلى تطبيق مبدأ السيادة النقدية من أجل تعزيز قدرة السياسة النقدية على "ضبط مناسيب السيولة المحلية من خلال قوة تدخل البنك المركزي في السوق النقدية". محذرا من استمرار ما أطلق عليه اسم "واقع الضوضاء الملونة التي تتيح بقاء السوق السوداء للدولار النقدي" وقدرتها على التأثير على المنظومة السعرية، ناهيك عن إتاحة أكبر لقدرة الدولة على إدارة التضخم من خلال التأثير عليها عبر أسعار الفائدة. مؤكدا أن تبني الدولة العراقية لمبدأ السيادة النقدية سيفضي إلى "الحفاظ على سعر صرف ثابت يسمح بتدفقات رأس المال الحر والتصدي للنقد الرخيص".

أما الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم فقد حددت أبرز العوامل التي تتيح تطبيق مبدأ "السيادة النقدية" مؤكدة أنها لا ترتبط بوجود قرار سياسي لتطبيقها، وإنما عوامل ومحددات اقتصادية. ووفقا لموقع "الحرة" ووضعت سميسم حزمة من العوامل الواجب توافرها تضم: "قوة الاقتصاد، استقرار أسعار الصرف، قوة العملة الوطنية نفسها، وجود اقتصاد منتج بشكل حقيقي لا يكون اعتماده فقط على الاستيراد".

وتؤكد الخبيرة سميسم أن كل دولة لديها حق اللجوء لمبدأ "السيادة النقدية" من أجل السيطرة على "سوق النقد"، مستدركة أن "هذا الأمر لا يرتبط فقط بالرغبة أو الطموحات، بل بقوة العملة الوطنية بشكل حقيقي، إذ أن العملة ليست ورقا فحسب، فهي يجب أن تعبر عن قيمة مقابلة للناتج المحلي الإجمالي، وقدرتها على خزن القيمة بشكل حقيقي، مع اقترانها بمؤشرات قوة مختلفة على عدة مستويات".

وأجمع خبراء اقتصاد عراقيون على أن تطبيق مبدأ السيادة النقدية يحتاج إلى توفر عدة عوامل أهمها "جسر الفجوة بين سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار". وأوضح الخبير الاقتصادي، محمود داغر، وهو مسؤول سابق في البنك المركزي العراقي، أن مبدأ السيادة النقدية "لا يعني تأثر مدخرات المواطنين أو أي شخصية إعتبارية لديها أموال مودعة بعملات أجنبية، إذ يبقى في إمكانهم إيداع وسحب الأموال بالدولار أو العملات الأجنبية الأخرى التي قد تكون مودعة بها". مشيرا في حديثه لموقع الحرة إلى أن غالبية الدول تسعى أو تطمح للوصول إلى "السيادة النقدية" وذلك بجعل "عملتها الوطنية هي العملة الأساسية لاستخدامها في المدفوعات والتعاملات داخل الدولة". مؤكدا "كلما استقرت أسعار صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية كان مبدأ السيادة النقدية قابلا للتطبيق"، والذي يجب أن يترافق مع "عدم وجود فجوة أو فروقات بين أسعار الصرف في السوق الرسمية والسوق الموازية ومنع ما يحدث من مضاربات في هذا المضمار".

وبدأ العراق تطبيق معايير نظام التحويلات الدولي "سويفت" منذ منتصف نوفمبر من 2022 للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة التي تقدر بعشرات مليارات الدولارات، وفق فرانس برس. وينبغي على المصارف العراقية حاليا تسجيل تحويلاتها بالدولار على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات، ويقوم الاحتياطي الأميركي الفيدرالي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل.

جميع ما ينشر في هذه المدونة للكاتب والصحافي نوري حمدان وهي متاح لجميع المؤسسات الاعلامية في استخدام. يتم التشغيل بواسطة Blogger.